مذكرة على العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيميةبسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:فهذه مذكرة للمهم من مقرر السنة الثانية الثانوية في المعاهد العلمية في التوحيد على العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيميه، نسأل الله أن ينفع بها كما نفع بأصلها إنه جواد كريم.
شيخ الإسلام ابن تيميه :
هو العالم العلامة شيخ الإسلام تقي الدين احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيميه ، ولد في حرّان في العاشر من ربيع الأول سنة 661هـ ، ثم تحولت عائلته إلى دمشق فكانت موطن إقامته ، وقد كان رحمه الله عالما كبيراً ، وعلماً منيراً ومجاهداً شهيراً ، جاهد في الله بعقله وفكره ، وعلمه وجسمه ، وكان قوي الحجة لا يصمد أحد لمحاجته ، ولا تأخذه في الله لومه لائم إذا بأن له الحق أن يقول به ؛ ومن ثم حصلت له محن ٌ من ذوي السلطان والجاه ،فحبس مرارا وتوفي محبوساً في قلعة دمشق في 20من شوال 728هـ.
~~~~~
مذكرة على العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ~
إرادة الله صفة من صفاته ، وتنقسم إلى قسمين :
كونية : وهي التي بمعنى المشيئة .
وشرعية: وهي التي بمعنى المحبة .فدليل الكونية قوله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإسلام )(الأنعام: الاية125) . ودليل الشرعية قوله تعالى : (وَاللَّهُ يُرِيدُ أن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) (النساء:27) .
الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية :
الفرق بينهما أن الكونية لا بد فيها من وقوع المراد ، وقد يكون المراد فيها محبوبا إلى الله ، وقد يكون غير محبوب ، وأما الشرعية فلا يلزم فيها وقوع المراد ، ولا يكون المراد فيها إلا محبوبا لله .
محبة الله .
محبة الله صفة من صفاته الفعلية ، ودليلها قوله تعالى : (فَسَوْفَ يأتي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)(المائدة: الاية54). وقوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) (البروج:14) . والود خالص المحبة ، ولا يجوز تفسير المحبة بالثواب ؛ لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف ، وليس عليه دليل .
المغفرة والرحمة :
الدليل على ثبوت صفة المغفرة والرحمة لله قوله تعالى
وَكَان اللَّهُ غَفُورا رَحِيما)(النساء: الاية96) . والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه .
والرحمة صفة تقتضي الإحسان والإنعام ، وتنقسم إلى قسمين : عامة وخاصة .
فالعامة هي الشاملة لكل أحد ودليلها قوله تعالى : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)(الأعراف: الاية156). ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْما )(غافر: الاية7).
والخاصة هي التي تختص بالمؤمنين ، ودليلها قوله تعالى : ( وَكَان بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيما)(الأحزاب: الاية43) . ولا يصح تفسير الرحمة بالإحسان ؛ لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف ، ولا دليل عليه .
الرضا والغضب والكراهة والمقت والأسف :
الرضا صفة من صفات الله مقتضاها محبة المرضي عنه والإحسان إليه ، ودليلها قوله تعالى : ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )(المائدة: الاية119) .
والغضب صفة من صفات الله مقتضاها كراهة المغضوب عليه والانتقام منه ، وقريب منها صفة السخط ، ودليل اتصاف الله بهما قوله تعالى : ( وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ)(النساء: الاية93). (ذَلِكَ بِأنهُمُ اتَّبَعُوا مَا اسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانهُ )(محمد: الاية28) . والكراهة صفة من صفات الله الفعلية مقتضاها إبعاد المكروه ومعاداته ، والدليل عليها قوله تعالى
ً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ) (التوبة:46) . والمقت أشد البغض والبغض قريب من معنى الكراهية ودليل المقت قوله تعالى
كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللَّهِ أن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:3)
والأسف له معنيان :
أحدهما : الغضب ، وهذا جائز على الله ، والدليل قوله
فَلَمَّا اسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ). أي:أغضبونا .والثاني : الحزن ، وهذا لا يجوز على الله ، ولا يصح أن يوصف به ؛ لأن الحزن صفة نقص والله منزه عن النقص .
ولا يجوز تفسير الرضا بالثواب ، والغضب بالانتقام ، والكراهة والمقت بالعقوبة ، لأنه مخالف لظاهر اللفظ وإجماع السلف ، وليس عليه دليل